الأخبار
الجمعة 22 آب 2025
باريس أقنعت أنقرة بإعطاء اتفاق 10 آذار فرصة (أ ف ب)
تواصل كلّ من الحكومة السورية الانتقالية و«قسد» اتخاذ خطوات تهدف إلى منع التصادم العسكري، أقلّه راهناً، واستكشاف فرص تطبيق اتفاق 10 آذار الموقّع بين الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، والقائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، وذلك بدفع من الدولتين الضامنتين، الولايات المتحدة وفرنسا. وتجلّى هذا التوجه في جملة مؤشرات من بينها التصريحات الإيجابية الصادرة عن الجانبين خلال الأسبوع الفائت، وزيارة مسؤولة العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية» الكردية في شمال شرق سوريا، إلهام أحمد، إلى دمشق، والتي أعقبت تحشيداً عسكرياً متبادلاً بين الطرفين.
وبعد إبداء الحكومة الانتقالية الاستعداد لمناقشة اللامركزية الإدارية على أن تُطبّق في كامل الجغرافية السورية، بدأت «قسد» التخفيف من حدّة الخطاب ضد تلك الحكومة، وتقليص التصريحات الداعية إلى تفعيل القرار الأممي 2254، والمطالِبة بتشكيل هيئة حكم انتقالي جديدة.
كما بادرت «قسد» إلى تأجيل مؤتمر كان من المُقرّر عقده اليوم في مدينة الرقة، بمشاركة من «مختلف أطياف الشعب السوري»، بما في ذلك «أهالي الساحل والسويداء»، لوضع ورقة مبادئ دستورية، تستهدف الضغط على السلطة الانتقالية لعقد مؤتمر وطني جامع، وتعديل الإعلان الدستوري، بما «يلحظ تمثيل كل مكوّنات الشعب، ويفضي إلى تشكيل حكومة انتقالية تمثّل السوريين كافة، وقادرة على العبور بالبلاد نحو مرحلة التعافي والاستقرار».
جولة مرتقبة جديدة من المفاوضات يُتوقّع أن تُعقد خلال أيام في دمشق أو القامشلي
ويبدو أن كلاً من دمشق و«قسد» تعرّضتا لضغوط كبيرة من الدول الضامنة لاتفاق 10 آذار، للتخلي عن الخطاب العدائي، وعدم الانجرار نحو مواجهة شاملة، توازياً مع إقناع تركيا بضرورة منح الوقت الكافي للطرفين لتطبيق الاتفاق المذكور.
ووفق المعطيات التي حصلت عليها «الأخبار» من مصدر مطّلع، فإن «أنقرة ضغطت على كل من واشنطن وباريس لإلغاء جولة المفاوضات بين دمشق وقسد، والتي كانت مقرّرة في باريس في 14 آب، ورأت في اجتماع كونفراس المكوّنات في الحسكة ذريعة لذلك»، لافتة إلى أن «باريس ردّت على هذه الضغوط بالحديث عن احتمال دعوة مظلوم عبدي إلى لقاء الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وهو ما أجّلته فرنسا مقابل قبول تركيا بمنح اتفاق 10 آذار الوقت الكافي لغاية نهاية العام الجاري».
ويقول المصدر نفسه إن «الأطراف اتفقت على حصر جولات التفاوض داخل الأراضي السورية، مع حضور ممثلين عن فرنسا والولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن «هناك حرصاً على عدم الانجرار إلى المواجهة العسكرية».
والظاهر أن كل هذه الترتيبات تهدف إلى العودة إلى مسار المفاوضات، ومحاولة الخروج بنتائج بشكل تدريجي، وهو ما يفسّر إعلان دمشق القبول باللامركزية الإدارية ورفض اللامركزية السياسية، وأيضاً اجتماعات «قسد» مع أهالي الرقة ودير الزور لاستمزاج آرائهم حول تسليم مناطقهم للحكومة الانتقالية. وبحسب مصدر آخر مطّلع على المفاوضات، فإن هناك «جولة مرتقبة جديدة من المتوقّع أن تُعقد خلال أيام في دمشق أو القامشلي»؛ وهو ما يجري التحضير له حالياً. ويتوقّع المصدر، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «يبدي الطرفان مرونة أكبر في التعامل مع الكثير من الملفات»، وذلك بهدف «الوصول إلى نقاط توافقية يمكن البناء عليها».